قصة - حفل زفاف
دعوة لحضور ِ حفل ٍ ، لم يحدّد فيها سوى المكان ِ والزمان ، وعلى ظهرها مكتوب ٌ اسمي ، معلّقة على طرف الباب ، فضول ٌ اعتراني من المرسل ُ وكيف يعرفني !
ارتقبت الموعد َ كمن يرتقب الشفاء َ من مرض ٍ أصابه ، فمرض ُ الفضول ِ دوما ً يلازمني ، أجمل " البدلات " لبست ُ وغادرت إلى المكان ِ لحضور ِ هذا المجهول ِ المشوّق .
وصلت قاعة َ الفندق ِ ، على باب الاستقبال ِ أودعتهم بطاقة الدعوة ، موظف الخدمة ، رحبّ بي بحرارة وقال بأن من دعاني أوصى على أن أجلس على طاولة ٍ قريبة ٍ وخاصة ، حاولت معرفة الاسم لكن رفض بحجة أن من دعاني أراد مفاجئتي .
دخلت ُ برفقته إلى القاعة ِ ، أضواء ٌ جميلة ، موسيقى هادئة كالتي أحب ، أجلسني على الطاولة ِ ، زجاجة النبيذ من تلك َ النوعية الفاخرة التي أحب وجدتها على الطاولة ، ملأ الكأس وغادر .
باتت وساوس ٌ الشخصية ِ التي دعتني ومعرفتها تنتابني ، حاولت ازاحة هذه الافكار من رأسي واستبعادها برشفة من ذلك النبيذ الأحمر المعتّق ..
جابت عيني المكان َ باحثا ً عن شخص ٍ أعرفه ، لم أجد أحدا ً يذكر أن سبق وصادفته ..
موسيقى أغنية " أنت جميلة جدا ً " لـ " جو كروكر " ، أغنيتي المفضلة التي كنت دوما ً أراقصها عليها ، ذيق ٌ انتابني ، فككت عقدة َ " القرافة " ، أخذت جرعة أكبر من النبيذ ..
تجمهر َ الجميع على باب القاعة ِ ، بثوب ٍ أبيض َ طلّت من بعيد ، ممسكة ً بيدٍ غير ِ يدي ! مشهد دراماتيكي يرتسم أمام عيني .
فقبل َ شهر ٍ من اليوم ِ ، خلاف ٌ بسيط ٌ دار بيننا ، انتهى بأقل َ خسائر تذكر بعد احتوائه ، أيام ٌ تبعتها قالت لي أنها ستسافر ُ في رحلة ِ عمل ٍ ، وخلال َ رحلة السفر هذه لم أتلق َ منها سوى اتصال ٍ أو اثنين ، لم أعر الأمر اهتماما ً بحجة ِ العمل ومشاغله ِ ..
تقدّمت لمنتصف القاعة ِ ، تسحب يدَ شاب ٍ لم يكن يوما ممن تحب ، ملامح الرجولة ِ فيه لم تكن موجودة ..
أخذت بيده ، وضعتها على خصرها ويده الأخرى على كتفها ، أخذت تراقصه ، وجهها مواجه لوجهي ، رمقتي بنظرات ِ مكر ٍ وأخذت تراقصه بنفس اسلوب رقصي معها .
مكبّل الأطراف ِ ، شارد الذهن ، خائر القوى ، مخنوق .. لم أدر ِ ماذا أفعل َ ، ها هي تزف نفسها أمامي على غيري ، نحن الذين بنينا مستقبلنا سوية ، وأنجبنا طفلين في الخيال .
كل ذلك َ ضاع َ بدعوة زفاف ٍ لم يدفعني سوى الفضول لحضورها ، كيف سيكون ردّي ، هل أنتفض وأصنع ُ ثورة ، اقتلها وأقتله ..
لا ، لا سيكون الرد ُ لا ينسى ، شربت ما تبقى في زجاجة النبيذ دفعة ً واحدة ، توجهت إلى منسق الأغاني وطلبت منه أغنية رقص ٍ ، وكما المجنون ُ نزلت ُ الى القاعة ِ وبدأت الرقص ، دموع العين في تتراقص مع كل ترنيحة مني ، بعد أن خارت قواي وأخذ المشروب مني موضعه ، أرقص أرقص ، وهي لم تتوقع مني مثل هذا المشهد ، فمشهد الدراما دوما ً نتوقعه ، لكن أنا اليوم أعيش مشهد " فانتازيا " لم أخطط له ..
هي التي أرادت أن تدمرني لخلاف ٍ بسيط ، تدمّرت اليوم ، أخذت تبكي كالأطفال ، وأنا ما زلت أرقص في نشوة الخيانة والكره واضطراب المشاعر ، نعم .. أنا الآن على موتها أرقص